الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } * { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

يقول تعالى وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك، { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً } أي واضحاً جلياً بيناً { لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } وهي مكة { وَمَنْ حَوْلَهَا } أي من سائر البلاد شرقاً وغرباً، وسميت مكة أم القرى لأنها أشرف من سائر البلاد لأدلة كثيرة مذكورة في مواضعها، ومن أوجز ذلك وأدله ما قال الإمام أحمد حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن قال إن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو واقف بالحزورة في سوق مكة " والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " هكذا رواية الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الزهري به، وقال الترمذي حسن صحيح. وقوله عز وجل { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } وهو يوم القيامة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد. وقوله تعالى { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شك في وقوعه، وأنه كائن لا محالة، وقوله جل وعلا { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } كقوله تعالىيَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } التغابن 9 أي يغبن أهل الجنة أهل النار، وكقوله عز وجلإِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلأَخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ } هود103 ــــ 105 قال الإمام أحمد حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا ليث، حدثني أبو قبيل المعافري عن شفي الأصبحي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان، فقال " أتدرون ما هذان الكتابان؟ " قلنا لا، إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم للذي في يمينه " هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، - ثم أجمل على آخرهم -، لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً " ثم قال صلى الله عليه وسلم للذي في يساره " هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً " فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأي شيء نعمل إن كان هذا الأمر قد فرغ منه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار، وإن عمل أي عمل "

السابقالتالي
2