الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } * { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } * { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ }

يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة أنه ما يشاء كان، ولا راد له، وما لم يشأ، لم يكن، فلا موجد له، وأنه من هداه، فلا مضل له، ومن يضلل الله، فلا هادي له، كما قال عز وجلوَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا } الكهف 17 ثم قال عز وجل مخبراً عن الظالمين وهم المشركون بالله { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } أي يوم القيامة، تمنوا الرجعة إلى الدنيا { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } كما قال جل وعلاوَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } الأنعام27-28. وقوله عز وجل { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي على النار { خَـٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } أي الذي قد اعتراهم بما أسلفوا من عصيان الله تعالى { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىٍّ } قال مجاهد يعني ذليل، أي ينظرون إليها مسارقة خوفاً منها، والذي يحذرون منه واقع بهم لا محالة، وما هو أعظم مما في نفوسهم، أجارنا الله من ذلك. { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ } أي يقولون يوم القيامة { إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ } أي الخسار الأكبر { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي ذهب بهم إلى النار، فعدموا لذتهم في دار الأبد، وخسروا أنفسهم، وفرق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم، وأهاليهم وقراباتهم، فخسروهم، { أَلآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ } أي دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منها، ولا محيد لهم عنها. وقوله تعالى { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أي ينقذونهم مما هم فيه من العذاب والنكال، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } أي ليس له خلاص.