الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

يقول تعالى لما ذكر روضات الجنات لعباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات { ذَلِكَ ٱلَّذِى يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي هذا حاصل لهم، كائن لا محالة ببشارة الله تعالى لهم به. وقوله عز وجل { قُل لاَّ أَسْـأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونيه، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني، وتذروني أبلغ رسالات ربي، إن لم تنصروني، فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة. قال البخاري حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال سمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله تعالى إلا المودة في القربى، فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد، فقال ابن عباس عجلت، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة، انفرد به البخاري، ورواه الإمام أحمد عن يحيى القطان عن شعبة به، وهكذا روى عامر الشعبي والضحاك وعلي بن أبي طلحة والعوفي ويوسف بن مهران وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله، وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وأبو مالك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم. وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا هاشم بن القاسم بن يزيد الطبراني وجعفر القلانسي قالا حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شريك عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم " وروى الإمام أحمد عن حسن بن موسى، حدثنا قزعة، يعني ابن سويد، وابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن قزعة بن سويد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجراً، إلا أن توادوا الله تعالى، وأن تقربوا إليه بطاعته " وهكذا روى قتادة عن الحسن البصري مثله، وهذا كأنه تفسير بقول ثان كأنه يقول إلا المودة في القربى، أي إلا أن تعملوا بالطاعة التي تقربكم عند الله زلفى. وقول ثالث، وهو ما حكاه البخاري وغيره رواية عن سعيد بن جبير ما معناه أنه قال معنى ذلك أن تودوني في قرابتي، أي تحسنوا إليهم وتبروهم.

السابقالتالي
2 3 4 5