الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ }

يقول تعالى { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ } أي إنما يعود نفع ذلك على نفسه، { وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } أي إنما يرجع وبال ذلك عليه، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي لا يعاقب أحداً إلا بذنبه، ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه. ثم قال جل وعلا { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي لا يعلم ذلك أحد سواه كما قال محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر، لجبريل عليه الصلاة والسلام، وهو من سادات الملائكة، حين سأله عن الساعة، فقال " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " وكما قال عز وجلإِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَـٰهَآ } النازعات 44 وقال جل جلالهلاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } الأعراف187. قوله تبارك وتعالى { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَٰتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي الجميع بعلمه، لايعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وقد قال سبحانه وتعالىوَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } الأنعام 59 وقال جلت عظمتهيَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَىْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } الرعد8 وقال تعالىوَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } فاطر 11 وقوله جل وعلا { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِى } أي يوم القيامة ينادي الله المشركين على رؤوس الخلائق أين شركائي الذين عبدتموهم معي؟ { قَالُوۤاْ ءَاذَنَّاكَ } أي أعلمناك { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } أي ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكاً { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ } أي ذهبوا، فلم ينفعوهم، { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي وظن المشركون يوم القيامة، وهذا بمعنى اليقين { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي لا محيد لهم عن عذاب الله كقوله تعالىوَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا } الكهف 53.