الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يقول تعالى منبهاً خلقه على قدرته العظيمة، وأنه الذي لا نظير له، وأنه على ما يشاء قادر { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } أي إنه خلق الليل بظلامه، والنهار بضيائه، وهما متعاقبان لا يفترقان، والشمس نورها وإشراقها، والقمر وضياءه، وتقدير منازله في فلكه، واختلاف سيره في سمائه، ليعرف باختلاف سيره وسير الشمس مقادير الليل والنهار، والجمع والشهور والأعوام، ويتبين بذلك حلول الحقوق، وأوقات العبادات والمعاملات. ثم لما كان الشمس والقمر أحسن الأجرام المشاهدة في العالم العلوي والسفلي، نبه تعالى على أنهما مخلوقان، عبدان من عبيده، تحت قهره وتسخيره، فقال { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } أي ولا تشركوا به، فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره فإنه لا يغفر أن يشرك به، ولهذا قال تعالى { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } أي عن إفراد العبادة له، وأبوا إلا أن يشركوا معه غيره، { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } يعني الملائكة { يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْـئَمُونَ } كقوله عز وجلفَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَـٰفِرِينَ } الأنعام 89. وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا سفيان، يعني ابن وكيع، حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الليل ولا النهار، ولا الشمس ولا القمر، ولا الرياح فإنها ترسل رحمة لقوم، وعذاباً لقوم " وقوله { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ } أي على قدرته على إعادة الموتى { أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَـٰشِعَةً } أي هامدة لا نبات فيها، بل هي ميتة، { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } أي أخرجت من جميع ألوان الزروع والثمار، { إِنَّ ٱلَّذِىۤ أَحْيَـٰهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }.