الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

يقول عز وجل { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } أي دعا عباد الله إليه، { وَعَمِلَ صَـٰلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي هو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره، لازم ومتعد، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير، ويترك الشر، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامة في كل من دعا إلى الخير، وهو في نفسه مهتد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك كما قال محمد بن سيرين والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقيل المراد بها المؤذنون الصلحاء كما ثبت في صحيح مسلم " المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة " ، وفي السنن مرفوعاً " الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين " وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن عروة الهروي، حدثنا غسان قاضي هراة وقال أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مطر عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال " سهام المؤذنين عند الله تعالى يوم القيامة كسهام المجاهدين، وهو بين الأذان والإقامة كالمتشحط في سبيل الله تعالى في دمه " قال وقال ابن مسعود رضي الله عنه لو كنت مؤذناً، ما باليت أن لا أحج ولا أعتمر ولا أجاهد. قال وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو كنت مؤذناً، لكمل أمري، وما باليت أن لا أنتصب لقيام الليل، ولا لصيام النهار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " اللهم اغفر للمؤذنين " ثلاثاً، قال فقلت يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف، قال صلى الله عليه وسلم " كلا يا عمر إنه سيأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعافهم، وتلك لحوم حرمها الله عز وجل على النار لحوم المؤذنين " قال وقالت عائشة رضي الله عنها ولهم هذه الآية { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } قالت فهو المؤذن، إذا قال حي على الصلاة، فقد دعا إلى الله. وهكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما، وعكرمة إنها نزلت في المؤذنين. وقد ذكر البغوي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال في قوله عز وجل وَعَمِلَ صَالِحاً، يعني صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة. ثم أورد البغوي حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين كل أذانين صلاة ــــ ثم قال في الثالثة ــــ لمن شاء "

السابقالتالي
2 3