الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ومن حوله من الملائكة الكروبيين بأنهم يسبحون بحمد ربهم، أي يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح، { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } أي خاشعون له، أذلاء بين يديه، وأنهم { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي من أهل الأرض ممن آمنوا بالغيب، فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب كما ثبت في صحيح مسلم " إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب، قال الملك آمين، ولك بمثله " وقد قال الإمام أحمد حدثنا عبد الله بن محمد، وهو ابن أبي شبية، حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره " فقال
زُحَلٌ وثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ والنَّسْرُ للأُخْرى ولَيْثٌ مُرْصَدُ   
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق " فقال
والشمسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْراءَ يُصْبِحُ لَوْنُها يَتَوَرَّدُ تَأْبى فَما تَطْلُعْ لَنا في رسلِها إلا مُعَذَّبَةً وإِلاَّ تُجْلَدُ   
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق " وهذا إسناد جيد، وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة، كانوا ثمانية كما قال تعالىوَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَـٰنِيَةٌ } الحاقة 17 وهنا سؤال، وهو أن يقال ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية، ودلالة هذا الحديث؟ وبين الحديث الذي رواه أبو داود حدثنا محمد بن الصباح البزار، حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت بهم سحابة، فنظر إليها فقال " ما تسمون هذه؟ " قالوا السحاب، قال " والمزن " قالوا والمزن قال " والعنان " قالوا والعنان، قال أبو داود ولم أتقن العنان جيداً، قال " هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ " قالوا لا ندري، قال " بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر، ما بين أسفله وأعلاه مثل بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال، بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين السماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك "

السابقالتالي
2