الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } * { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } * { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

يقول لهم المؤمن ما بالي أدعوكم إلى النجاة، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه، { وَتَدْعُونَنِىۤ إِلَى ٱلنَّارِ تَدْعُونَنِى لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } أي على جهل بلا دليل، { وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } أي هو في عزته وكبريائه يغفر ذنب من تاب إليه، { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِىۤ إِلَيْهِ } يقول حقاً. قال السدي وابن جرير معنى قوله { لاَ جَرَمَ } حقاً. وقال الضحاك { لاَ جَرَمَ } لا كذب. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { لاَ جَرَمَ } يقول بلى، إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِى ٱلآخِرَةِ } قال مجاهد الوثن ليس له شيء، وقال قتادة يعني الوثن لا ينفع ولا يضر، وقال السدي لا يجيب داعيه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، وهذا كقوله تبارك وتعالىوَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } الأحقاف 5 ــــ 6إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } فاطر 14 وقوله { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ } أي في الدار الآخرة، فيجازي كلاً بعمله، ولهذا قال { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ } أي خالدين فيها بإسرافهم، وهو شركهم بالله عز وجل { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } أي سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به، ونهيتكم عنه، ونصحتكم ووضحت لكم، وتتذكرونه وتندمون حيث لا ينفع الندم، { وَأُفَوِّضُ أَمْرِىۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي وأتوكل على الله، وأستعينه، وأقاطعكم وأباعدكم { إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } أي هو بصير بهم، تعالى وتقدس، فيهدي من يستحق الهداية، ويضل من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة والحكمة التامة والقدر النافذ. وقوله تبارك وتعالى { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } أي في الدنيا والآخرة، وأما في الدنيا، فنجاه الله تعالى مع موسى عليه الصلاة والسلام، وأما في الآخرة فبالجنة، { وَحَاقَ بِـآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } وهو الغرق في اليم، ثم النقلة منه إلى الجحيم، فإن أرواحهم تعرض على النار صباحاً ومساء إلى قيام الساعة، فإذا كان يوم القيامة، اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار، ولهذا قال { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } أي أشده ألماً، وأعظمه نكالاً، وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور، وهي قوله تعالى { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً }. ولكن هنا سؤال، وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية، وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ، وقد قال الإمام أحمد حدثنا هاشم، هو ابن القاسم أبو النضر، حدثنا إسحاق بن سعيد، هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص، حدثنا سعيد، يعني أباه، عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية كانت تخدمها، فلا تصنع عائشة رضي الله عنها إليها شيئاً من المعروف إلا قالت لها اليهودية وقاك الله عذاب القبر، قالت رضي الله عنها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي، فقلت يا رسول الله، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4