الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ }

المشهور أن هذا الرجل المؤمن كان قبطياً من آل فرعون. قال السدي كان ابن عم فرعون، ويقال إنه الذي نجا مع موسى عليه الصلاة والسلام، واختاره ابن جرير، ورد قول من ذهب إلى أنه كان إسرائيلياً لأن فرعون انفعل لكلامه، واستمعه، وكف عن قتل موسى عليه السلام، ولو كان إسرائيلياً، لأوشك أن يعاجل بالعقوبة لأنه منهم. وقال ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما لم يؤمن من آل فرعون سوى هذا الرجل، وامرأة فرعون، والذي قاليٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } القصص 20 رواه ابن أبي حاتم. وقد كان هذا الرجل يكتم إيمانه عن قومه القبط، فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون { ذَرُونِىۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ } فأخذت الرجل غضبة لله عز وجل. وأفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر كما ثبت بذلك الحديث، ولا أعظم من هذه الكلمة عند فرعون وهي قوله { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّىَ ٱللَّهُ }؟ اللهم إلا ما رواه البخاري في صحيحه حيث قال حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، حدثني عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهما قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ }؟ انفرد به البخاري من حديث الأوزاعي، قال وتابعه محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا عبدة عن هشام، يعني ابن عروة، عن أبيه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سئل ما أشد ما رأيت قريشاً بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مر صلى الله عليه وسلم بهم ذات يوم، فقالوا له أنت تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ فقال " أنا ذاك " فقاموا إليه فأخذوا بمجامع ثيابه، فرأيت أبا بكر رضي الله عنه محتضنه من ورائه، وهو يصيح بأعلى صوته، وإن عينيه لتسيلان، وهو يقول يا قوم { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ } حتى فرغ من الآية كلها.

السابقالتالي
2 3