الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

يقول تعالى { أَوَلَمْ يَسيرُواْ } هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد { فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } أي من الأمم المكذبة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما حل بهم من العذاب والنكال، مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة { وَءَاثَاراً فِى ٱلأَرْضِ } أي أثروا في الأرض من البنايات والمعالم والديارات ما لا يقدر هؤلاء عليه كما قال عز وجلوَلَقَدْ مَكَّنَـٰهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّـٰكُمْ فِيهِ } الأحقاف 26 وقال تعالىوَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } الروم 9 أي مع هذه القوة العظيمة، والبأس الشديد، أخذهم الله بذنوبهم، وهي كفرهم برسلهم، { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } أي وما دفع عنهم عذاب الله أحد، ولا رده عنهم راد، ولا وقاهم واق، ثم ذكر علة أخذه إياهم، وذنوبهم التي ارتكبوها واجترموها، فقال تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي بالدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات، { فَكَفَرُواْ } أي مع هذا البيان والبرهان كفروا وجحدوا { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } تعالى أي أهلكهم ودمر عليهم، وللكافرين أمثالها، { إِنَّهُ قَوِىٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي ذو قوة عظيمة، وبطش شديد، وهو { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي عقابه أليم شديد وجيع، أعاذنا الله تبارك وتعالى منه.