الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } * { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } * { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

يقول تعالى مخبراً عن عظمته وكبريائه، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها كما قال تعالىمِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ تَعْرُجُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } المعارج 3 ــــ 4 وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان أن هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السابعة في قول جماعة من السلف والخلف، وهو الأرجح إن شاء الله. وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء، اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة. وقد تقدم في حديث الأوعال ما يدل على ارتفاعه عن السموات السبع بشيء عظيم. وقوله تعالى { يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } كقوله جلت عظمتهيُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } النحل 2 وكقوله تعالىوَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلاَْمِينُ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } الشعراء 192 ــــ 194 ولهذا قال عز وجل { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يوم التلاق اسم من أسماء يوم القيامة، حذر الله منه عباده، وقال ابن جريج قال ابن عباس رضي الله عنهما يلتقي فيه آدم وآخر ولده. وقال ابن زيد يلتقي فيه العباد. وقال قتادة والسدي وبلال ابن سعد وسفيان بن عيينة يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، والخالق والخلق، وقال ميمون بن مهران يلتقي الظالم والمظلوم، وقد يقال إن يوم التلاق يشمل هذا كله، ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون. وقوله جل جلاله { يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ } أي ظاهرون بادون كلهم، لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم، ولهذا قال { يَوْمَ هُم بَـٰرِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ } أي الجميع في علمه على السواء. وقوله تبارك وتعالى { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } قد تقدم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه تعالى يطوي السموات والأرض بيده، ثم يقول أنا الملك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ وفي حديث الصور أنه عز وجل إذا قبض أرواح جميع خلقه، فلم يبق سواه وحده لا شريك له، حينئذ يقول لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه قائلاً { للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي الذي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه. وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن غالب الدقاق، حدثنا عبيد بن عبيدة، حدثنا معتمر عن أبيه، حدثنا أبو نضرة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة، فيسمعها الأحياء والأموات.

السابقالتالي
2