الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياماً، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها، ومن ههنا يؤخذ الحجر على السفهاء، وهم أقسام فتارة يكون الحجر للصغر فإن الصغير مسلوب العبارة، وتارة يكون الحجر للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة للفلس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل، وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه، حجر عليه وقال الضحاك عن ابن عباس، في قوله { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَٰلَكُمُ } قال هم بنوك، والنساء، وكذا قال ابن مسعود والحكم بن عيينة والحسن والضحاك هم النساء والصبيان، وقال سعيد بن جبير هم اليتامى، وقال مجاهد وعكرمة وقتادة هم النساء، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإن النساء السفهاء، إلا التي أطاعت قيمها " ورواه ابن مردويه مطولاً. وقال ابن أبي حاتم ذكر عن مسلم بن إبراهيم، حدثنا حرب بن سُريح، عن معاوية بن قرة، عن أبي هريرة { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَٰلَكُمُ } قال هم الخدم، وهم شياطين الإنس. وقوله { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، يقول لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك، أو بنيك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم. وقال ابن جرير حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن فراس، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهاً، وقد قال { وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَٰلَكُمُ } ، ورجل كان له على رجل دين، فلم يُشهِد عليه. وقال مجاهد { وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } ، يعني في البر والصلة، وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل من الإنفاق في الكساوي والأرزاق والكلام الطيب وتحسين الأخلاق. وقوله تعالى { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال ابن عباس ومجاهد والحسن والسدي ومقاتل بن حيان أي اختبروهم { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } قال مجاهد يعني الحلم، قال الجمهور من العلماء البلوغ في الغلام تارة يكون بالحلم، وهو أن يرى في منامه ما ينزل به الماء الدافق الذي يكون منه الولد، وفي سنن أبي داود عن علي قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4