الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له، فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الآنات والحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه، ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل " أتدري ما حق الله على العباد؟ " قال الله ورسوله أعلم، قال " أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " ، ثم قال " أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم " ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإن الله سبحانه جعلهما سبباً لخروجك من العدم إلى الوجود، وكثيراً ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، كقوله { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } ، وكقولهوَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } الإسراء 23 ثم عطف على الإحسان إليهما الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء كما جاء في الحديث " الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة " ، ثم قال تعالى { وَالْيَتَـٰمَىٰ } وذلك لأنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم، ومن ينفق عليهم، فأمر الله بالإحسان إليهم، والحنو عليهم، ثم قال { وَٱلْمَسَـٰكِينِ } وهم المحاويج من ذوي الحاجات الذين لا يجدون ما يقوم بكفايتهم، فأمر الله سبحانه بمساعدتهم بما تتم به كفايتهم، وتزول به ضرورتهم، وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة. وقوله { وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } ، يعني الذي بينك وبينه قرابة، { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } الذي ليس بينك وبينه قرابة، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وميمون بن مهران والضحاك وزيد بن أسلم ومقاتل ابن حيان وقتادة، وقال أبو إسحاق عن نوف البكالي في قوله والجار ذي القربى يعني الجار المسلم، والجار الجنب، يعني اليهودي و النصراني، رواه ابن جرير وابن أبي جاتم، وقال جابر الجعفي عن الشعبي عن علي وابن مسعود والجار ذي القربى، يعني المرأة. وقال مجاهد أيضاً في قوله والجار الجنب، يعني الرفيق في السفر، وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار، فلنذكر منها ما تيسر، وبالله المستعان. الحديث الأول قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه محمداً يحدث عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " أخرجاه في الصحيحين من حديث عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر به. الحديث الثاني قال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن داود بن شابور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4 5