الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

يقول تعالى { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } أي الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت، { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، وكذا منصب القضاء، وغير ذلك، { وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيماً عليها كما قال الله تعالىوَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } البقرة 228 الآية، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } يعني أمراء، عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة لأهله، حافظة لماله، وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك. وقال الحسن البصري جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أن زوجها لطمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «القصاص»، فأنزل الله عز وجل { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية، فرجعت بغير قصاص، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عنه، وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة وابن جريج والسدي، أورد ذلك كله ابن جرير، وقد أسنده ابن مردويه من وجه آخر فقال حدثنا أحمد بن علي النسائي، حدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي، حدثنا محمد بن محمد الأشعث حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد، قال حدثنا أبي عن جدي، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن علي، قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار بامرأة له، فقالت يا رسول الله، إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس له ذلك " فأنزل الله تعالى { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } أي في الأدب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أردت أمراً، وأراد الله غيره " وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة وابن جريج والسدي، أورد ذلك كله ابن جرير. وقال الشعبي في هذه الآية { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } قال الصداق الذي أعطاها، ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها، ولو قذفته جلدت؟ وقوله تعالى { فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ } أي من النساء { قَـٰنِتَـٰتٌ } قال ابن عباس وغير واحد يعني مطيعات لأزواجهن { حَـفِظَـٰتٌ لِّلْغَيْبِ } وقال السدي وغيره أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.

السابقالتالي
2 3