الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قال البخاري حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، قال سمعت البراء قال آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت يستفتونك. وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر، قال سمعت جابر بن عبد الله قال دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ ثم صب علي، أو قال " صبوا عليه " فعقلت، فقلت إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة، ورواه الجماعة من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، وفي بعض الألفاظ فنزلت آية الميراث { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى ٱلْكَلَـٰلَةِ } الآية، وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا سفيان وقال أبو الزبير قال يعني جابراً نزلت في { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى ٱلْكَلَـٰلَةِ } وكأن معنى الكلام ـ والله أعلم ـ يستفتونك عن الكلالة { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ } فيها، فدل المذكور على المتروك. وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها، وأنها مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه، ولهذا فسرها أكثر العلماء بمن يموت وليس له ولد ولا والد. ومن الناس من يقول الكلالة من لا ولد له، كما دلت عليه هذه الآية { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } ، وقد أشكل حكم الكلالة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه الجد والكلالة وباب من أبواب الربا. وقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، قال قال عمر بن الخطاب ما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة، حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال " يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء " هكذا رواه مختصراً، وأخرجه مسلم مطولاً أكثر من هذا. طريق أخرى قال الإمام أحمد حدثنا أبو نعيم، حدثنا مالك، يعني ابن مغول يقول سمعت الفضل بن عمرو، عن إبراهيم، عن عمر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة، فقال " يكفيك آية الصيف " ، فقال لأن أكون سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم، وهذا إسناد جيد، إلا أن فيه انقطاعاً بين إبراهيم وبين عمر، فإنه لم يدركه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6