قد تقدم الكلام على هذه الآية الكريمة، وهي قوله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } الآية، وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة، وقد روى الترمذي حدثنا ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه أنه قال ما في القرآن آية أحب إليَّ من هذه الآية { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } الآية، ثم قال هذا حسن غريب. وقوله { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً } أي فقد سلك غير الطريق الحق، وضل عن الهدى، وبعد عن الصواب، وأهلك نفسه، وخسرها في الدنيا والآخرة، وفاتته سعادة الدنيا والآخرة. وقوله { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمود بن غيلان، أنبأنا الفضل بن موسى، أخبرنا الحسن بن واقد عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال مع كل صنم جنية. وحدثنا أبي، حدثنا محمد ابن سلمة الباهلي عن عبد العزيز بن محمد، عن هشام، يعني ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قالت أوثاناً. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدي ومقاتل بن حيان، نحو ذلك. وقال جويبر عن الضحاك في الآية قال المشركون إن الملائكة بنات الله، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، قال فاتخذوهن أرباباً، وصوروهن جواري، فحكموا وقلدوا، وقالوا هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده، يعنون الملائكة، وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى{ أَفَرَءَيْتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ } النجم 19 الآيات، وقال تعالى{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } الزخرف 19 الآية، وقال{ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } الصافات 158 الآيتين. وقال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال يعني موتى. وقال مبارك، يعني ابن فضالة، عن الحسن { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال الحسن الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح، إما خشبة يابسة، وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وهو غريب. وقوله { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } أي هو الذي أمرهم بذلك، وحسنه وزينه لهم، وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر، كما قال تعالى{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ } يس 60 الآية. وقال تعالى إخباراً عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا{ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } سبأ 41. وقوله { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } أي طرده وأبعده من رحمته، وأخرجه من جواره، وقال { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } أي معيناً مقدراً معلوماً.