الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }

يقول تبارك وتعالى مخبراً عن هول يوم القيامة، وما يكون فيه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة، فقوله تعالى { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } هذه النفخة هي الثانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السموات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحاً به مفسراً في حديث الصور المشهور، ثم يقبض أرواح الباقين، حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولاً، وهو الباقي آخراً، بالديمومة والبقاء، ويقوللِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ }؟ ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه بنفسه، فيقول { للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } غافر 16 أنا الذي كنت وحدي، وقد قهرت كل شيء، وحكمت بالفناء على كل شيء، ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل، ويأمره أن ينفخ بالصور مرة أخرى، وهي النفخة الثالثة نفخة البعث، قال الله عز وجل { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أي أحياء بعدما كانوا عظاماً ورفاتاً صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة كما قال تعالىفَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَٰحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } النازعات 13 ــــ 14. وقال عز وجليَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } الإسراء 52 وقال جل وعلاوَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } الروم 25 قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم قال سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال سمعت رجلاً قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما إنك تقول الساعة تقوم إلى كذا وكذا، قال لقد هممت أن لا أحدثكم شيئاً، إنما قلت سترون بعد قليل أمراً عظيماً، ثم قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين، لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً أو أربعين ليلة، فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيظهر، فيهلكه الله تعالى، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله تعالى ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته، حتى لو أنّ أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه " قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ــــ قال ــــ فيتمثل لهم الشيطان، فيقول ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى له، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه، فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم يرسل الله تعالى أو ينزل الله عز وجل مطراً كأنه الطل ــــ أو الظل شك نعمان ــــ فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال أيها الناس هلموا إلى ربكم، { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون } ــــ قال ــــ ثم يقال أخرجوا بعث النار ــــ قال ــــ فيقال كم؟ فيقال من كل ألف تسعمئة وتسعة وتسعين، فيومئذٍ تبعث الولدان شيباً، ويومئذٍ يكشف عن ساق "

السابقالتالي
2