الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

يقول تبارك وتعالى مخبراً عن الإنسان أنه في حال الضراء يتضرع إلى الله عز وجل، وينيب إليه، ويدعوه، وإذا خوله نعمة منه، بغى وطغى، وقال { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } أي لما يعلم الله تعالى من استحقاقي له، ولولا أني عند الله خصيص، لما خولني هذا، قال قتادة على علم عندي على خبر عندي. قال الله عز وجل { بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ } أي ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي؟ مع علمنا المتقدم بذلك، فهي فتنة، أي اختبار، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فلهذا يقولون ما يقولون، ويدعون ما يدعون { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي قد قال هذه المقالة، وزعم هذا الزعم، وادعى هذه الدعوى، كثير ممن سلف من الأمم، { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي فما صح قولهم، ولا منعهم جمعهم وما كانوا يكسبون، { فَأَصَـٰبَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ } أي من المخاطبين { سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي كما أصاب أولئك، { وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } كما قال تبارك وتعالى مخبراً عن قارون أنه قال له قومهلاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلأَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلاَْرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِىۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } القصص 76 ــــ 78 وقال تعالىوَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَٰلاً وَأَوْلَـٰداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } سبأ 35 وقوله تبارك وتعالى { أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } أي يوسعه على قوم، ويضيقه على آخرين، { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لأَيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي لعبراً وحججاً.