الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } * { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

يقول تعالى ذاماً للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله، وهم الأصنام والأنداد التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك، وهي لا تملك شيئاً من الأمر، بل وليس لها عقل تعقل به، ولا سمع تسمع به، ولا بصر تبصر به، بل هي جمادات أسوأ من الحيوان بكثير، ثم قال قل، أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه من شفعاء لهم عند الله تعالى، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له، فمرجعها كلها إليهمَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } البقرة 255 { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي هو المتصرف في جميع ذلك، { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي يوم القيامة، فيحكم بينكم بعدله، ويجزي كلاً بعمله، ثم قال تعالى ذاماً للمشركين أيضاً { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ } أي إذا قيل لا إله إلا الله وحده، { ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } قال مجاهد اشمأزت انقبضت. وقال السدي نفرت. وقال قتادة كفرت واستكبرت. وقال مالك عن زيد بن أسلم استكبرت كما قال تعالىإِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } الصافات 35 أي عن المتابعة والانقياد لها، فقلوبهم لا تقبل الخير، ومن لم يقبل الخير يقبل الشر، ولذلك قال تبارك تعالى { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } أي من الأصنام والأنداد قاله مجاهد، { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أي يفرحون ويسرون.