الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } * { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ }

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين السعداء أن لهم في الدار الآخرة لحسن مآب، وهو المرجع والمنقلب، ثم فسره بقوله تعالى { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي جنات إقامة مفتحة لهم الأبواب. والألف واللام ههنا بمعنى الإضافة، كأنه يقول مفتحة لهم أبوابها، أي إذا جاؤوها فتحت لهم أبوابها، قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن ثواب الهباري، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الله بن مسلم، يعني ابن هرمز، عن ابن سابط عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة قصراً يقال له عدن، حوله البروج والمروج، له خمسة آلاف باب، عند كل باب خمسة آلاف حبرة، لا يدخله ــــ أو لا يسكنه ــــ إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عدل " وقد ورد في ذكر أبواب الجنة الثمانية أحاديث كثيرة من وجوه عديدة. وقوله عز وجل { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا } قيل متربعين على سرر تحت الحجال { يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } أي مهما طلبوا، وجدوا، وأحضر كما أرادوا { وَشَرَابٍ } أي من أي أنواعه شاؤوا أتتهم به الخدامبِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } الواقعة 18وَعِندَهُمْ قَـٰصِرَٰتُ ٱلطَّرْفِ } الصافات 48 أي عن غير أزواجهن، فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن { أَتْرَابٌ } أي متساويات في السن والعمر. هذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والسدي { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي هذا الذي ذكرنا من صفة الجنة هي التي وعدها لعباده المتقين التي يصيرون إليها بعد نشورهم وقيامهم من قبورهم وسلامتهم من النار. ثم أخبر تبارك وتعالى عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء، فقال تعالى { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } كقوله عز وجلمَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } النحل 96 وكقوله جل وعلاعَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } هود 108 وكقوله تعالىلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } فصلت 8 أي غير مقطوع، وكقوله عز وجلأُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ٱلنَّارُ } الرعد 35 والآيات في هذا كثيرة جداً.