الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } * { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ }

يقول تبارك وتعالى مخبراً عن فضائل عباده المرسلين، وأنبيائه العابدين { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـٰرِ } يعني بذلك العمل الصالح، والعلم النافع، والقوة في العبادة، والبصيرة النافذة، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما { أُوْلِى ٱلأَيْدِى } يقول أولي القوة والعبادة { وٱلأَبْصَـٰرَ } يقول الفقه في الدين. وقال مجاهد { أُوْلِى ٱلأَيْدِى } يعني القوة في طاعة الله تعالى، والأبصار يعني البصر في الحق. وقال قتادة والسدي أعطوا قوة في العبادة، وبصراً في الدين. وقوله تبارك وتعالى { إِنَّآ أَخْلَصْنَٰهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } قال مجاهد أي جعلناهم يعملون للآخرة، ليس لهم غيرها. وكذا قال السدي ذكرهم للآخرة، وعملهم لها. وقال مالك بن دينار نزع الله تعالى من قلوبهم حب الدنيا وذكرها، وأخلصهم بحب الآخرة وذكرها، وكذا قال عطاء الخراساني. وقال سعيد بن جبير يعني بالدار الجنة، يقول أخلصناها لهم بذكرهم لها، وقال في رواية أخرى ذكرى الدار عقبى الدار، وقال قتادة كانوا يذكرون الناس الدار الآخرة، والعمل لها، وقال ابن زيد جعل لهم خاصة أفضل شيء في الدار الآخرة. وقوله تعالى { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } أي لمن المختارين المجتبين الأخيار فهم أخيار مختارون. وقوله تعالى { وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } قد تقدم الكلام على قصصهم وأخبارهم مستقصاة في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما أغنى عن إعادته ههنا. وقوله عز وجل { هَـٰذَا ذِكْرٌ } أي هذا فصل فيه ذكر لمن يتذكر، قال السدي يعني القرآن العظيم.