الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } * { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } * { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } * { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ }

يقول تعالى { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـٰنَ } أي اختبرناه بأن سلبناه الملك مرة، { وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم يعني شيطاناً، { ثُمَّ أَنَابَ } أي رجع إلى ملكه وسلطانه وأُبهته. قال ابن جرير، وكان اسم ذلك الشيطان صخراً، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة. وقيل آصف، قاله مجاهد. وقيل أصروا، قاله مجاهد أيضاً. وقيل حقيق، قاله السدي. وقد ذكروا هذه القصة مبسوطة ومختصرة، وقد قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال أمر سليمان عليه الصلاة والسلام ببناء بيت المقدس، فقيل له ابنه، ولا يسمع فيه صوت حديد، قال فطلب ذلك، فلم يقدر عليه، فقيل له إن شيطاناً في البحر يقال له صخر شبه المارد، قال فطلبه، وكانت في البحر عين يردها في كل سبعة أيام مرة، فنزح ماءها وجعل فيها خمراً، فجاء يوم وروده، فإذا هو بالخمر، فقال إنك لشراب طيب، إلا أنك تصبين الحليم، وتزيدين الجاهل جهلاً، قال ثم رجع حتى عطش عطشاً شديداً، ثم أتاها فقال إنك لشراب طيب، إلا أنك تصبين الحليم، وتزيدين الجاهل جهلاً، قال ثم شربها حتى غلبت على عقله، قال فأري الخاتم، أو ختم به بين كتفيه فذل، قال وكان ملكه في خاتمه، فأتى به سليمان عليه الصلاة والسلام، فقال إنا قد أمرنا ببناء هذا البيت، وقيل لنا لا يسمعن فيه صوت حديد، قال فأتى ببيض الهدهد، فجعل عليه زجاجة، فجاء الهدهد فدار حولها، فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه، فذهب فجاء بالماس، فوضعه عليها، فقطعها به حتى أفضى إلى بيضه، فأخذ الماس، فجعلوا يقطعون به الحجارة. وكان سليمان عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام، لم يدخل بالخاتم، فانطلق يوماً إلى الحمام، وذلك الشيطان صخر معه، وذلك عند مقارفة قارف فيها بعض نسائه، قال فدخل الحمام، وأعطى الشيطان خاتمه، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، ونزع ملك سليمان منه، وألقي على الشيطان شبه سليمان. قال فجاء فقعد على كرسيه وسريره، وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه، فجعل يقضي بينهم، وجعلوا ينكرون منه أشياء حتى قالوا فتن نبي الله، وكان فيهم رجل يشبهونه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه في القوة، فقال والله لأجربنه. قال فقال يا نبي الله وهو لا يرى إلا أنه نبي الله، أحدنا تصيبه الجنابة في الليلة الباردة، فيدع الغسل عمداً حتى تطلع الشمس، أترى عليه بأساً؟ قال لا، فبينما هو كذلك أربعين ليلة، إذ وجد نبي الله خاتمه في بطن سمكة، فأقبل، فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم، { وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال هو الشيطان صخر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9