الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } * { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } * { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ }

يقول تعالى مخبراً عن المشركين في تعجبهم من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً كما قال عز وجلأَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءامَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ مُّبِينٌ } يونس 2 وقال جل وعلا ههنا { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ } أي بشر مثلهم، وقال الكافرون { هَـٰذَا سَـٰحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } أي أزعم أن المعبود واحد لا إله إلا هو؟ أنكر المشركون ذلك، قبحهم الله تعالى، وتعجبوا من ترك الشرك بالله فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان، وأشربته قلوبهم، فلما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم، وإفراد الإله بالوحدانية، أعظموا ذلك، وتعجبوا وقالوا { أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } وهم سادتهم وقادتهم، ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين { ٱمْشُواْ } أي استمروا على دينكم، { وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ ءَالِهَتِكُمْ } ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد، وقوله تعالى { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ } قال ابن جرير إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم، والاستعلاء، وأن يكون له منكم أتباع، ولسنا نجيبه إليه.ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمة قال السدي إن ناساً من قريش اجتمعوا، فيهم أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى أبي طالب، فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه، فليكف عن شتم آلهتنا، وندعه وإلهه الذي يعبده فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ، فيكون منا إليه شيء، فتعيرنا به العرب يقولون تركوه حتى إذا مات عنه، تناولوه. فبعثوا رجلاً منهم يقال له المطلب، فاستأذن لهم على أبي طالب، فقال هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم يستأذنون عليك، قال أدخلهم، فلما دخلوا عليه قالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمره فليكف عن شتم آلهتنا، وندعه وإلهه، قال فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم، وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك قال صلى الله عليه وسلم " يا عم أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم؟ " قال وإلام تدعوهم؟ قال صلى الله عليه وسلم " أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم " فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم ما هي؟ وأبيك لنعطينكها وعشراً أمثالها، قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3