الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } * { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } * { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } * { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } * { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ } * { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }

يقول الله تعالى أهذا الذي ذكره من نعيم الجنة، وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح، وغير ذلك من الملاذ، خير ضيافة وعطاء، { أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ }؟ أي التي في جهنم وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرة واحدة معينة كما قال بعضهم إنها شجرة تمتد فروعها إلى جميع محال جهنم كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيها منها غصن، وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجر يقال له الزقوم كقوله تعالىوَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلأَكِلِيِنَ } المؤمنون 20 يعني الزيتونة، ويؤيد ذلك قوله تعالىثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضَّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } الواقعة 51 ــــ 52. وقوله عز وجل { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لِّلظَّـٰلِمِينَ } قال قتادة ذكرت شجرة الزقوم، فافتتن بها أهل الضلالة، وقالوا صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فأنزل الله تعالى { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِىۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } غذيت من النار، ومنها خلقت. وقال مجاهد { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لِّلظَّـٰلِمِينَ } قال أبو جهل لعنه الله إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه. قلت ومعنى الآية إنما أخبرناك يا محمد بشجرة الزقوم اختباراً نختبر به الناس، من يصدق منهم، ممن يكذب كقوله تبارك وتعالىوَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِى أَرَيْنَـٰكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِى ٱلقُرْءَانِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا } الإسراء 60. وقوله تعالى { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِىۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } أي أصل منبتها في قرار النار، { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَـٰطِينِ } تبشيع لها، وتكريه لذكرها. قال وهب بن منبه شعور الشياطين قائمة إلى السماء، وإنما شبهها بـ { رُءُوسُ ٱلشَّيَـٰطِينِ } وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر، وقيل المراد بذلك ضرب من الحيات رؤوسها بشعة المنظر، وقيل جنس من النبات طلعه في غاية الفحاشة، وفي هذين الاحتمالين نظر، وقد ذكرهما ابن جرير، والأول أقوى وأولى، والله أعلم. وقوله تعالى { فَإِنَّهُمْ لأَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ }. ذكر تعالى أنهم يأكلون من هذه الشجرة التي لا أبشع منها ولا أقبح من منظرها، مع ما هي عليه من سوء الطعم والريح والطبع، فإنهم ليضطرون إلى الأكل منها لأنهم لا يجدون إلا إياها، وما هو في معناها كما قال تعالىلَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ } الغاشية 6 ــــ 7 وقال ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، وقال

السابقالتالي
2