الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } * { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

يقول تعالى مخبراً منبهاً على قدرته العظيمة في خلق السموات السبع بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت والأرضين السبع، وما فيها من جبال ورمال وبحار وقفار، وما بين ذلك، ومرشداً إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء العظيمة كقوله تعالىلَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } غافر 57 وقال عز وجل ههنا { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } أي مثل البشر، فيعيدهم كما بدأهم، قاله ابن جرير، وهذه الآية الكريمة كقوله عز وجلأَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الأحقاف 33 وقال تبارك وتعالى ههنا { بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ ٱلْعَلِيمُ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } أي إنما يأمر بالشيء أمراً واحداً لا يحتاج إلى تكرار أو تأكيد
إذا ما أرادَ اللّهُ أَمْراً فإنَّما يقولُ لهُ كُنْ قَوْلَةً فيكونُ   
وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن نمير، حدثنا موسى بن المسيب عن شهر عن عبد الرحمن بن غنْم عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله تعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد، أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون ". وقوله تعالى { فَسُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم الذي بيده مقاليد السمٰوات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه يرجع العباد يوم المعاد، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل المنعم المتفضل. ومعنى قوله سبحانه وتعالىفَسُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ } كقوله عز وجل { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ } المؤمنون 88 وكقوله تعالىتَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } الملك 1 فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورحموت، ورهبة ورهبوت، وجبر وجبروت، ومن الناس من زعم أن الملك هو عالم الأجساد، والملكوت هو عالم الأرواح، والصحيح الأول، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم. قال الإمام أحمد حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا حماد عن عبد الملك بن عمير، حدثني ابن عم لحذيفة ــــ عن حذيفة وهو ابن اليمان ــــ رضي الله عنه، قال قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات، وكان صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال " سمع الله لمن حمده " ثم قال

السابقالتالي
2