الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }

يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة، وقد برزت الجحيم لهم تقريعاً وتوبيخاً { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي هذه التي حذرتكم الرسل، فكذبتموهم، { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } كما قال تعالىيَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } الطور 13 ــــ 15. وقوله تعالى { ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة حين ينكرون ما اجترحوه في الدنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا منجاب بن الحارث التميمي، حدثنا أبو عامر الأسدي، حدثنا سفيان عن عبيد المكتب عن الفضيل ابن عمرو عن الشعبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال صلى الله عليه وسلم " أتدرون ممَّ أضحك؟ " قلنا الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم " من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول بلى، فيقول لا أجيز علي إلا شاهداً من نفسي، فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، فيختم على فيه، ويقال لأركانه انطقي، فتنطق بعمله، ثم يخلي بينه وبين الكلام، فيقول بعداً لكن وسحقاً، فعنكن كنت أناضل " وقد رواه مسلم والنسائي، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النضر عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي، عن سفيان، هو الثوري، به. ثم قال النسائي لا أعلم أحداً روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعي، وهو حديث غريب، والله تعالى أعلم، كذا قال. وقد تقدم من رواية أبي عامر عبد الملك بن عمرو الأسدي، وهو العقدي، عن سفيان. وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنكم تدعون مفدماً على أفواهكم بالفدام، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه " ، رواه النسائي عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به، وقال سفيان بن عيينة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة الطويل، قال فيه " ثم يلقى الثالث فيقول ما أنت؟ فيقول أنا عبدك، آمنت بك وبنبيك وبكتابك، وصمت وصليت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع ــــ قال ــــ فيقال له ألا نبعث عليك شاهدنا؟ ــــ قال ــــ فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه، فيختم على فيه، ويقال لفخذه انطقي ــــ قال ــــ فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل، وذلك المنافق، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك الذي يسخط الله تعالى عليه "

السابقالتالي
2