الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

يقول تعالى مخبراً عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم، وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها، وما يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } قال مجاهد من الذنوب، وقال غيره بالعكس، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه، وتقدير الكلام أنهم لا يجيبون إلى ذلك، بل يعرضون عنه، واكتفى عن ذلك بقوله تعالى { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ } أي على التوحيد وصدق الرسل { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } أي لا يتأملونها ولا يقبلونها ولا ينتفعون بها. وقوله عز وجل { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللهُ } أي إذا أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحاويج من المسلمين، { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ } أي عن الذين آمنوا من الفقراء، أي قالوا لمن أمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجين لهم فيما أمروهم به { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } أي هؤلاء الذين أمرتمونا بالإنفاق عليهم، لو شاء الله لأغناهم ولأطعمهم من رزقه، فنحن نوافق مشيئة الله تعالى فيهم، { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي في أمركم لنا بذلك. قال ابن جرير ويحتمل أن يكون من قول الله عز وجل للكفار حين ناظروا المؤمنين، وردوا عليهم، فقال لهم { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وفي هذا نظر، والله أعلم.