الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } * { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } * { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

يقول تعالى ومن الدلالة لهم على قدرته تبارك وتعالى العظيمة، خلق الليل والنهار، هذا بظلامه، وهذا بضيائه، وجعلهما يتعاقبان، يجيء هذا فيذهب هذا، ويذهب هذا فيجيء هذا كما قال تعالىيُغْشِي ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا } الأعراف 54 ولهذا قال عز وجل ههنا { وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ } أي نصرمه منه، فيذهب فيقبل الليل، ولهذا قال تبارك وتعالى { فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } كما جاء في الحديث " إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم " هذا هو الظاهر من الآية، وزعم قتادة أنها كقوله تعالىيُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ } فاطر 13 وقد ضعف ابن جرير قول قتادة ههنا، وقال إنما معنى الإيلاج الأخذ من هذا في هذا، وليس هذا مراداً في هذه الآية، وهذا الذي قاله ابن جرير حق. وقوله جل جلاله { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } في معنى قوله { لِمُسْتَقَرٍّ } قولان أحدهما أن المراد مستقرها المكاني، وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب، وهي أينما كانت، فهي تحت العرش، هي وجميع المخلوقات لأنه سقفها، وليس بكرة كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة، وإنما هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة، وهو فوق العالم مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة، تكون أقرب ما تكون إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام، وهو وقت نصف الليل، صارت أبعد ما تكون إلى العرش، فحينئذ تسجد، وتستأذن في الطلوع كما جاءت بذلك الأحاديث. قال البخاري حدثنا أبو نعيم، حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم " يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟ " قلت الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } ". حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تبارك وتعالى { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا } قال صلى الله عليه وسلم " مستقرها تحت العرش " هكذا أورده ههنا، وقد أخرجه في أماكن متعددة، ورواه بقية الجماعة إلا ابن ماجه من طرق عن الأعمش به. وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حين غربت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4