الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } * { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تبارك وتعالى { وَءَايَةٌ لَّهُمُ } أي دلالة لهم على وجود الصانع، وقدرته التامة، وإحيائه الموتى { ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } أي إذا كانت ميتة هامدة لا شيء فيها من النبات، فإذا أنزل الله تعالى عليها الماء، اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ولهذا قال تعالى { أَحْيَيْنَـٰهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } أي جعلناه رزقاً لهم ولأنعامهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّـٰتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } أي جعلنا فيها أنهاراً سارحة في أمكنة يحتاجون إليها لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ، لما امتن على خلقه بإيجاد الزروع لهم، عطف بذكر الثمار وتنوعها وأصنافها. وقوله جل وعلا { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } أي وما ذاك كله إلا من رحمة الله تعالى بهم، لا بسعيهم ولا كدهم، ولا بحولهم وقوتهم، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وقتاده، ولهذا قال تعالى { أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } أي فهلا يشكرونه على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، واختار ابن جرير ــــ بل جزم به، ولم يحك غيره إلا احتمالاً ــــ أن { ما } في قوله تعالى { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } بمعنى الذي، تقديره ليأكلوا من ثمره، ومما عملته أيديهم، أي غرسوه ونصبوه، قال وهي كذلك في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } ، ثم قال تبارك وتعالى { سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ } أي من زروع وثمار ونبات، { وَمِنْ أَنفُسِهِمْ } فجعلهم ذكراً وأنثى { وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } أي من مخلوقات شتى لا يعرفونها، كما قال جلت عظمتهوَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الذاريات 49