الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }

لما ذكر تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلى السعير، ذكر بعد ذلك أن الذين كفروا لهم عذاب شديد لأنهم أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمن، وأن الذين آمنوا بالله ورسله، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ } أي لما كان منهم من ذنب { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } على ما عملوه من خير. ثم قال تعالى { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً } يعني كالكفار والفجار، يعملون أعمالاً سيئة، وهم في ذلك يعتقدون ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، أي أفمن كان هكذا قد أضله الله، ألك فيه حيلة؟ لاحيلة لك فيه، { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى } أي بقدره كان ذلك، { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَٰتٍ } أي لا تأسف على ذلك، فإن الله حكيم في قدره، إنما يضل من يضل، ويهدي من يهدي لما له في ذلك من الحجة البالغة، والعلم التام، ولهذا قال تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } وقال ابن أبي حاتم عند هذه الآية حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني، أو ربيعة عن عبد الله بن الديلمي قال أتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو في حائط بالطائف يقال له الوهط، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من نوره يومئذ، فقد اهتدى، ومن أخطأه منه، ضل، فلذلك أقول جف القلم على ما علم الله عز وجل " ثم قال حدثنا يحيى عبدك القزويني، حدثنا حسان بن حسان البصري، حدثنا إبراهيم بن بشير، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " الحمد لله الذي يهدي من الضلالة، ويلبس الضلالة على من أحب " وهذا أيضاً حديث غريب جداً.