الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } * { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }

يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة سيروا في الأرض، فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل، كيف دمر الله عليهم، وللكافرين أمثالها، فخلت منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من النعيم، بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد، وكثرة الأموال والأولاد، فما أغنى ذلك شيئاً، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لايعجزه شيء إذا أراد كونه في السموات والأرض، { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } أي عليم بجميع الكائنات، قدير على مجموعها، ثم قال تعالى { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } أي لو آخذهم بجميع ذنوبهم، لأهلك جميع أهل الأرض وما يملكونه من دواب وأرزاق. قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم قرأ { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ }. وقال سعيد بن جبير والسدي في قوله تعالى { مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } أي لما سقاهم المطر، فماتت جميع الدواب، { وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ } أي ولكن ينظرهم إلى يوم القيامة، فيحاسبهم يومئذ، ويوفي كل عامل بعمله، فيجازي بالثواب أهل الطاعة، وبالعقاب أهل المعصية، ولهذا قال تبارك وتعالى { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }. آخر تفسير سورة فاطر، ولله الحمد والمنة.