الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } * { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }

يخبر الله عن الكفار أنهم يستحقون منه العقوبة، والأليم من العذاب لأنهم كانوا إذا تتلى عليهم آياته بينات يسمعونها غضة طرية من لسان رسوله صلى الله عليه وسلم { قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُكُمْ } يعنون أن دين آبائهم هو الحق، وأن ما جاءهم به الرسول عندهم باطل، عليهم وعلى آبائهم لعائن الله تعالى، { وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } يعنون القرآن، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } قال الله تعالى { وَمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ } أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن، وما أرسل إليهم نبياً قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يودون ذلك، يقولون لو جاءنا نذير، أو أنزل علينا كتاب، لكنا أهدى من غيرنا، فلما منّ الله عليهم بذلك، كذبوه وجحدوه وعاندوه. ثم قال تعالى { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } أي من الأمم، { وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } قال ابن عباس رضي الله عنهما أي من القوة في الدنيا. وكذلك قال قتادة والسدي وابن زيد كما قال تعالىوَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } الأحقاف 26أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونََ } غافر 82 أي وما دفع ذلك عنهم عذاب الله، ولا رده، بل دمر الله عليهم لماكذبوا رسله، ولهذا قال { فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي فكيف كان عقابي ونكالي وانتصاري لرسلي؟