الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }

يخبر تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورهم ليقربوهم إلى الله زلفى، فيقول للملائكة { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ }؟ أي أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم كما قال تعالى في سورة الفرقانءَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَـٰؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } الفرقان 17 وكما يقول لعيسى عليه الصلاة والسلامءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَـٰنَكَ مَا يَكُونُ لِىۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ } المائدة 116 وهكذا تقول الملائكة { سُبْحَـٰنَكَ } أي تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله، { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } أي نحن عبيدك، ونبرأ إليك من هؤلاء { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } يعنون الشياطين لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان، وأضلوهم { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } كما قال تبارك وتعالىإِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً * لَّعَنَهُ ٱللهُ } النساء 117 ــــ 118 قال الله عز وجل { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي لا يقع لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه اليوم من الأنداد والأوثان التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم، اليوم لايملكون لكم نفعاً ولا ضراً، { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } وهم المشركون { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً.