الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

يقول تعالى متهدداً ومتوعداً من آذاه بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره وإِصراره على ذلك وإِيذاء رسوله بعيب أو بنقص ــــ عياذاً بالله من ذلك ــــ قال عكرمة في قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } نزلت في المصورين. وفي " الصحيحين " من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب ليله ونهاره " ومعنى هذا أن الجاهلية كانوا يقولون يا خيبة الدهر فعل بنا كذا وكذا، فيسندون أفعال الله سبحانه وتعالى إلى الدهر، ويسبونه، وإنما الفاعل لذلك هو الله عز وجل، فنهى عن ذلك. هكذا قرره الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من العلماء رحمهم الله. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم في تزويجه صفية بنت حيي بن أخطب. والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء، ومن آذاه، فقد آذى الله كما أن من أطاعه، فقد أطاع الله كما قال الإمام أحمد حدثنا يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة الحذاء التميمي عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن المغفل المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم، فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم، فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم، فقد آذاني، ومن آذاني، فقد آذى الله، ومن آذى الله، يوشك أن يأخذه " وقد رواه الترمذي من حديث عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن المغفل به، ثم قال وهذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه، لم يعملوه ولم يفعلوه { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناً } وهذا هو البهت الكبير أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الكفرة بالله ورسوله، ثم الرافضة الذين يتنقصون الصحابة ويعيبونهم بما قد برأهم الله منه، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم فإن الله عز وجل قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم وينتقصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكن، ولا فعلوه أبداً، فهم في الحقيقة منكسو القلوب، يذمون الممدوحين، ويمدحون المذمومين. وقال أبو داود حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز، يعني ابن محمد، عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أنه قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال

السابقالتالي
2