الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } * { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً }

هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساءُ الأمة تبع لهن في ذلك، فقال تعالى مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إِذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن، فإِنه لا يشبههن أحد من النساء، ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة، ثم قال تعالى { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ } قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إِذا خاطبن الرجال، ولهذا قال تعالى { فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي دغل، { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } قال ابن زيد قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير، ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لاتخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. وقوله تعالى { وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ } أي إلزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تمنعوا إِماء الله مساجد الله، وليخرجن وهن تفلات " وفي رواية " وبيوتهن خير لهن " وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا أبو رجاء الكلبي روح بن المسيب ثقة، حدثنا ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال جئن النساء إِلى رسول الله، فقلن يارسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قعدت ــــ أو كلمة نحوها ــــ منكن في بيتها، فإِنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى " ثم قال لا نعلم رواه عن ثابت إِلا روح بن المسيب، وهو رجل من أهل البصرة مشهور. وقال البزار أيضاً حدثنا محمد بن المثنى، حدثني عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة عن مورّق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إِن المرأة عورة، فإِذا خرجت، استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحة ربها، وهي في قعر بيتها " رواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإِسناده المتقدم، وأبو داوود أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها " وهذا إِسناد جيد. وقوله تعالى { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } قال مجاهد كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية. وقال قتادة { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } يقول إِذا خرجتن من بيوتكن، وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله تعالى عن ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10