الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

يقول تعالى { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـآيَـٰتِنَا } أي إنما يصدق بها { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً } أي استمعوا لها، وأطاعوها قولاً وفعلاً، { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي عن اتباعها والانقياد لها كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة، قال الله تعالىلَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر 60 ثم قال تعالى { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } يعني بذلك قيام الليل، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة، قال مجاهد والحسن في قوله تعالى { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } يعني بذلك قيام الليل. وعن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبي حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضاً هو انتظار صلاة العتمة. ورواه ابن جرير بإسناد جيد. وقال الضحاك هو صلاة العشاء في جماعة، وصلاة الغداة في جماعة، { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي خوفاً من وبال عقابه، وطمعاً في جزيل ثوابه { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية، ومقدم هؤلاء وسيدهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
وفينا رسولُ اللّهِ يَتْلو كتابَهُ إذا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الصُّبْحِ ساطِعُ أرانا الهُدَى بعدَ العَمى، فقلوبُنا بهِ مُوقِناتٌ أَنَّ ما قالَ واقِعُ يَبيتُ يُجافي جَنْبَهُ عن فِراشِهِ إذا استَثْقَلَتْ بالمُشركينَ المَضاجِعُ   
وقال الإمام أحمد حدثنا روح وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عجب ربنا من رجلين رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، فيقول ربنا أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله تعالى، فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، فيقول الله عز وجل للملائكة انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه " وهكذا رواه أبو داود في الجهاد عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به بنحوه. وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوماً قريباً منه، ونحن نسير، فقلت يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال " لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت "

السابقالتالي
2 3 4 5