يقول تعالى منبهاً خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة بأنه سخر لهم ما في السموات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم، وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد، وجعله إياها لهم سقفاً محفوظاً، وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار، وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب وإزاحة الشبه والعلل، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم، بل منهم من يجادل في الله، أي في توحيده، وإرساله الرسل، ومجادلته في ذلك بغير علم، ولا مستند من حجة صحيحة، ولا كتاب مأثور صحيح، ولهذا قال تعالى{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَـٰبٍ مُّنِيرٍ } الحج 8 أي مبين مضيء، { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي لهؤلاء المجادلين في توحيد الله { ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } أي على رسوله من الشرائع المطهرة { قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَا } أي لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين، قال الله تعالى{ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ } البقرة 170 أي فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم أنهم كانوا على ضلالة، وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه، ولهذا قال تعالى { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ }.