الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

اختلف السلف في لقمان هل كان نبياً، أو عبداً صالحاً من غير نبوة؟ على قولين، الأكثرون على الثاني.وقال سفيان الثوري عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً. وقال قتادة عن عبد الله بن الزبير قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال كان قصيراً أفطس من النوبة. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال كان لقمان من سودان مصر، ذا مشافر، أعطاه الله الحكمة، ومنعه النبوة. وقال الأوزاعي حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله، فقال له سعيد بن المسيب لا تحزن من أجل أنك أسود، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان بلال، ومهجع مولى عمر بن الخطاب، ولقمان الحكيم، كان أسود نوبياً ذا مشافر. وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبي عن أبي الأشهب عن خالد الربعي قال كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً، فقال له مولاه اذبح لنا هذه الشاه، فذبحها، قال أخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، ثم مكث ما شاء الله، ثم قال اذبح لنا هذه الشاة، فذبحها، قال أخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها، فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرجتهما؟ فقال لقمانإنه ليس من شيء أطيب منهماإذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا. وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد كان لقمان عبداً صالحاً، ولم يكن نبياً. وقال الأعمش قال مجاهد كان لقمان عبداً أسود عظيم الشفتين، مشقق القدمين. وقال حكام بن سَلْم عن سعيد الزبيدي عن مجاهد كان لقمان الحكيم عبداً حبشياً، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضياً على بني إسرائيل، وذكر غيره أنه كان قاضياً على بني إسرائيل في زمان داود عليه السلام. وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد، حدثنا الحكم، حدثنا عمرو بن قيس قال كان لقمان عبداً أسود، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، فأتاه رجل وهو في مجلس ناس يحدثهم، فقال له ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال نعم، قال فما بلغ بك ما أرى؟ قال صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد عن جابر قال إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته، فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك، فقال له ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس؟ قال بلى، قال فما بلغ بك ما أرى؟ قال قدر الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركي ما لا يعنيني، فهذه الآثار منها ما هو مصرح فيه بنفي كونه نبياً، ومنها ما هو مشعر بذلك لأن كونه عبداً قد مسه الرق ينافي كونه نبياً لأن الرسل كانت تبعث في أحساب قومها، ولهذا كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبياً، وإنما ينقل كونه نبياً عن عكرمة إن صح السند إليه، فإنه رواه ابن جرير، وقال ابن أبي حاتم من حديث وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة، قال كان لقمان نبياً، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، والله أعلم.

السابقالتالي
2 3