الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

يبين سبحانه بهذا قدرته العظيمة على خلق السموات والأرض، وما فيهما وما بينهما، فقال تعالى { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ } قال الحسن وقتادة ليس لها عمد مرئية، ولا غير مرئية. وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد، لها عمد لا ترونها، وقد تقدم تقرير هذه المسألة في أول سورة الرعد بما أغنى عن إعادته، { وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } يعني الجبال أرست الأرض وثقلتها لئلا تضطرب بأهلها على وجه الماء، ولهذا قال { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } أي لئلا تميد بكم. وقوله تعالى { وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } أي وذرأ فيها من أصناف الحيوانات مما لا يعلم عدد أشكالهاوألوانها إلا الذي خلقها، ولما قرر سبحانه أنه الخالق، نبه على أنه الرازق بقوله { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } أي من كل زوج من النبات كريم، أي حسن المنظر. وقال الشعبي والناس أيضاً من نبات الأرض، فمن دخل الجنة، فهو كريم، ومن دخل النار، فهو لئيم. وقوله تعالى { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ } أي هذا الذي ذكره الله تعالى من خلق السموات والأرض وما بينهما، صادر عن فعل الله وخلقه وتقديره، وحده لا شريك له في ذلك، ولهذا قال تعالى { فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ }؟ أي مما تعبدون وتدعون من الأصنام والأنداد، { بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني المشركين بالله، العابدين معه غيره { فِى ضَلَـٰلٍ } أي جهل وعمى { مُّبِينٍ } أي واضح ظاهر لا خفاء به.