الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ }

نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك، فقال تعالى { وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَىْءٍ } أي ومن يرتكب نهي الله في هذا، فقد برىء من الله، كما قال تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } إلى أن قال { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } ، وقال تعالىيَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } النساء 144، وقال تعالىيَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } المائدة 51 الآية، وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعرابوَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى ٱلاَْرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } الأنفال 73، وقوله تعالى { إِلاَ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً } أي إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره، لا بباطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنه قال إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم. وقال الثوري قال ابن عباس ليس التقية بالعمل، إنما التقية باللسان، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس إنما التقية باللسان، وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس. ويؤيد ما قالوه قول الله تعالىمَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـٰنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ } النحل 106 الآية. وقال البخاري قال الحسن التقية إلى يوم القيامة، ثم قال تعالى { وَيُحَذِّرْكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } أي يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه، وعادى أولياءه. ثم قال تعالى { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } أي إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون بن مهران، قال قام فينا معاذ بن جبل، فقال يا بني أود، إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الجنة أو إلى النار.