الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }

يقول تعالى لا تنظروا إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه من النعمة والغبطة والسرور، فعما قليل يزول هذا كله عنهم، ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة، فإنما نمد لهم فيما هم فيه استدراجاً، وجميع ما هم فيه { مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } وهذه الآية كقوله تعالىمَا يُجَـٰدِلُ فِىۤ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى ٱلْبِلاَدِ } غافر 4، وقال تعالىإِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَـٰعٌ فِى ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } يونس 69 ـ 70، وقال تعالىنُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } لقمان 24 وقال تعالىفَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } الطارق 17 أي قليلاً، وقال تعالىأَفَمَن وَعَدْنَـٰهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَـٰعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } القصص 61 وهكذا لما ذكر حال الكفار في الدنيا، وذكر أن مآلهم إلى النار، قال بعده { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلاٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }. وقال ابن مردويه حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا أبو طاهر سهل بن عبدالله، أنبأنا هشام بن عمار، أنبأنا سعيد بن يحيى، أنبأنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنما سموا الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق " كذا رواه ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن جناب، حدثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالديك عليك حقاً، كذلك لولدك عليك حق، وهذا أشبه، والله أعلم. ثم قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدستوائي، عن رجل، عن الحسن، قال الأبرار الذين لا يؤذون الذر. وقال ابن أبي حاتم أيضاً حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن خيثمة عن الأسود، قال قال عبد الله، يعني ابن مسعود ما من نفس برة ولا فاجرة إلا الموت خير لها، لئن كان براً لقد قال الله تعالى { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }. وكذا رواه عبد الرزاق عن الأعمش عن الثوري به، وقرأوَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأَِنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } آل عمران 178. وقال ابن جرير حدثني المثنى، حدثنا إسحاق، حدثنا ابن أبي جعفر عن فرج بن فضالة، عن لقمان، عن أبي الدرداء أنه كان يقول ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } ويقولوَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأَِنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } آل عمران 178.