الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } * { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

يخبر تعالى إخباراً عاماً يعم جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت، كقوله تعالىكُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } الرحمن 26 ـ 27 فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت، والجن والإِنس يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، وينفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخراً كما كان أولاً، وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس، فإِنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت، فإِذا انقضت المدة، وفرغت النطفة التي قدر الله وجودها من صلب آدم، وانتهت البرية، أقام الله القيامة، وجازى الخلائق بأعمالها جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها، كبيرها وصغيرها، فلا يظلم أحداً مثقال ذرة، ولهذا قال تعالى { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية، جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه، فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } إِن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفاً من كل هالك، ودركاً من كل فائت، فبالله فثقوا، وإِياه فارجوا، فإِن المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال جعفر بن محمد فأخبرني أبي أن علي بن أبي طالب قال أتدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السلام. وقوله { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } أي من جنب النار، ونجا منها، وأدخل الجنة، فقد فاز كل الفوز. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، اقرؤوا إن شئتم { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } " هذا حديث ثابت في الصحيحين، من غير هذا الوجه بدون هذه الزيادة، وقد رواه بدون هذه الزيادة أبو حاتم، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، من حديث محمد بن عمرو هذا، ورواه ابن مردويه من وجه آخر، فقال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن يحيى، أنبأنا حميد بن مسعدة، أنبأنا عمرو بن علي عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها "

السابقالتالي
2 3