الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

يقول تعالى آمراً رسوله صلوات الله وسلامه عليه ببلاغ الرسالة وتلاوة القرآن على الناس، ومخبراً له بأنه سيرده إلى معاد، وهو يوم القيامة، فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة، ولهذا قال تعالى { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } أي افترض عليك أداءه إلى الناس { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } أي إلى يوم القيامة، فيسألك عن ذلك كما قال تعالىفَلَنَسْـأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْـألَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأعراف 6 وقال تعالىيَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } المائدة 109 وقالٱوَجِـاْىۤءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَالْشُّهَدَآءِ } الزمر 69. وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } يقول لرادك إلى الجنة، ثم سائلك عن القرآن. قاله السدي، وقال أبو سعيد مثلها، وقال الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } قال إلى يوم القيامة، ورواه مالك عن الزهري، وقال الثوري عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } إلى الموت، ولهذا طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي بعضها لرادك إلى معدنك من الجنة. وقال مجاهد يحييك يوم القيامة، وكذا روي عن عكرمة وعطاء وسعيد بن جبير وأبي قزعة وأبي مالك وأبي صالح. وقال الحسن البصري إي والله إن له لمعاداً، فيبعثه الله يوم القيامة، ثم يدخله الجنة. وقد روي عن ابن عباس غير ذلك. كما قال البخاري في التفسير من " صحيحه " حدثنا محمد بن مقاتل، أنبأنا يعلى، حدثنا سفيان العصفري عن عكرمة عن ابن عباس { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } قال إلى مكة، وهكذا رواه النسائي في تفسير " سننه " ، وابن جرير من حديث يعلى، وهو ابن عبيد الطنافسي به، وهكذا رواه العوفي عن ابن عباس { عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ } أي لرادك إلى مكة كما أخرجك منها. وقال محمد بن إسحاق عن مجاهد في قوله { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } إلى مولدك بمكة. وقال ابن أبي حاتم وقد روي عن ابن عباس ويحيى بن الجزار وسعيد بن جبير وعطية والضحاك نحو ذلك. وحدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر قال قال سفيان فسمعناه من مقاتل منذ سبعين سنة عن الضحاك قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل الله عليه { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } إلى مكة، وهذا من كلام الضحاك يقتضي أن هذه الآية مدنية، وإن كان مجموع السورة مكياً، والله أعلم. وقد قال عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة في قوله تعالى { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } قال هذه مما كان ابن عباس يكتمها.

السابقالتالي
2 3