الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

يقول تعالى ممتناً على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار اللذين لا قوام لهم بدونهما، وبيّن أنه لو جعل الليل دائماً عليهم سرمداً إلى يوم القيامة، لأضر ذلك بهم، ولسئمته النفوس، وانحصرت منه، ولهذا قال تعالى { مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ }؟ أي تبصرون به، وتستأنسون بسببه، { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } ثم أخبر تعالى أنه لو جعل النهار سرمداً، أي دائماً مستمراً إلى يوم القيامة، لأضر ذلك بهم، ولتعبت الأبدان وكلت من كثرة الحركات والأشغال، ولهذا قال تعالى { مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } أي تستريحون من حركاتكم وأشغالكم { أَفلاَ تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ } أي بكم { جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } أي خلق هذا وهذا { لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } أي في الليل، { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي في النهار بالأسفار والترحال، والحركات والأشغال، وهذا من باب اللف والنشر. وقوله { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار، ومن فاته شيء بالليل، استدركه بالنهار، أو بالنهار، استدركه بالليل كما قال تعالىوَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } الفرقان 62 والآيات في هذا كثيرة.