الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد، المرجو عند النوازل، كما قال تعالىوَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ } الإسراء 67 وقال تعالىثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئََرُونَ } النحل 53 وهكذا قال ههنا { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } أي من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه؟ قال الإمام أحمد أنبأنا عفان أنبأنا وهيب، أنبأنا خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من بلهجيم قال قلت يا رسول الله إلام تدعو؟ قال " أدعو إلى الله وحده، الذي إن مسك ضر فدعوته، كشف عنك، والذي إن أضللت بأرض قفر، فدعوته، رد عليك، والذي إن أصابتك سنة، فدعوته، أنبت لك " قال قلت أوصني، قال " لا تسبن أحداً، ولا تزهدن في المعروف، ولو أن تلقى أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي، واتزر إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة ". وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر، فذكر اسم الصحابي فقال حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا يونس، هو ابن عبيد، حدثنا عبيدة الهجيمي، عن أبي تميمة الهجيمي عن جابر بن سليم الهجيمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة، وقد وقع هدبها على قدميه، فقلت أيكم محمد رسول الله؟ فأومأ بيده إلى نفسه، فقلت يا رسول الله أنا من أهل البادية، وفيّ جفاؤهم، فأوصني، قال " لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي، وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه فإنه يكون لك أجره، وعليه وزره، وإياك وإسبال الإزار، فإن إسبال الإزار من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، ولا تسبن أحداً " قال فما سببت بعده أحداً ولا شاة ولا بعيراً. وقد روى أبو داود والنسائي لهذا الحديث طرقاً، وعندهما طرف صالح منه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا علي بن هاشم، حدثنا عبدة بن نوح عن عمر ابن الحجاج، عن عبيد الله بن أبي صالح قال دخل علي طاوس يعودني، فقلت له ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن فقال ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وقال وهب بن منبه قرأت في الكتاب الأول أن الله تعالى يقول بعزتي إنه من اعتصم بي، فإن كادته السموات بمن فيهن، والأرض بمن فيها، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجاً، ومن لم يعتصم بي، فإني أخسف به من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء، فأكله إلى نفسه.

السابقالتالي
2 3