الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } * { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ }

قد تقدم الكلام في سورة البقرة على الحروف المقطعة في أوائل السور. وقوله تعالى { تِلْكَ آيَـٰتُ } أي هذه آيات { ٱلْقُرْءَانِ وَكِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } أي بين واضح { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لمن آمن به، واتبعه وصدقه، وعمل بما فيه، وأقام الصلاة المكتوبة، وآتى الزكاة المفروضة، وأيقن بالدار الآخرة، والبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال خيرها وشرها، والجنة والنار، كما قال تعالىوَعَرَبِىٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِىۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ } فصلت 44 الآية. وقال تعالىلِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } مريم 97. ولهذا قال تعالى ههنا { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي يكذبون بها، ويستبعدون وقوعها { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } أي حسّنا لهم ما هم فيه، ومددنا لهم في غيهم، فهم يتيهون في ضلالهم، وكان هذا جزاء على ما كذبوا من الدار الآخرة كما قال تعالىوَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَـٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } الأنعام 110 الآية. { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } أي في الدنيا والآخرة، { وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } أي ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر. وقوله تعالى { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي { وَإِنَّكَ } يا محمد { لَتُلَقَّى } أي لتأخذ { ٱلْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي من عند حكيم عليم، أي حكيم في أمره ونهيه، عليم بالأمور جليلها وحقيرها، فخبره هو الصدق المحض، وحكمه هو العدل التام كما قال تعالىوَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً } الأنعام 115.