الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له، ومخبراً أن من أشرك به، عذبه. ثم قال تعالى آمراً لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين، أي الأدنين إليه، وأنه لا يخلص أحداً منهم إلا إيمانه بربه عز وجل، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين، ومن عصاه من خلق الله، كائناً من كان فليتبرأ منه، ولهذا قال تعالى { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِىۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة، بل هي فرد من أجزائها كما قال تعالىلِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } يس 6، وقال تعالىلِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا } الشورى 7 وقال تعالىوَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } الأنعام 51، وقال تعالىلِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } مريم 97، وقال تعالىلأُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } الأنعام 19، كما قال تعالىوَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } هود 17. وفي " صحيح مسلم " " والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي، إلا دخل النار " وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة فلنذكرها الحديث الأول قال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما أنزل الله عز وجل { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فصعد عليه ثم نادى " يا صباحاه " فاجتمع الناس إليه، بين رجل يجيء إليه، وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل، تريد أن تغير عليكم، صدقتموني؟ " قالوا نعم. قال " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب تباً لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا؟ وأنزل اللهتَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } المسد 1، ورواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الأعمش به. الحديث الثاني قال الإمام أحمد حدثنا وكيع، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا فاطمة بنة محمد، يا صفية بنة عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم " انفرد بإخراجه مسلم. الحديث الثالث قال الإمام أحمد حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فعم وخص، فقال

السابقالتالي
2 3 4 5 6