الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } * { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } * { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }

يقول تعالى مخبراً عن الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وَإِنَّهُ } أي القرآن، ذكره في أول السورة في قولهوَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ } الأنبياء 2 الآية { لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي أنزله الله عليك، وأوحاه إليك، { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } وهو جبريل عليه السلام، قاله غير واحد من السلف ابن عباس ومحمد بن كعب وقتادة وعطية العوفي والسدي والضحاك والزهري وابن جريج، وهذا مما لا نزاع فيه. قال الزهري وهذه كقولهقُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } البقرة 97 وقال مجاهد من كلمه الروح الأمين، لا تأكله الأرض { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } أي نزل به ملك كريم أمين ذو مكانة عند الله مطاع في الملأ الأعلى { عَلَىٰ قَلْبِكَ } يا محمد سالماً من الدنس والزيادة والنقص { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } أي لتنذر به بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه، وتبشر به المؤمنين المتبعين له. وقوله تعالى { بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ } أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك، أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل ليكون بيناً واضحاً ظاهراً، قاطعاً للعذر، مقيماً للحجة، دليلاً إلى المحجة. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي، حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن موسى بن محمد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في يوم دجن، إذ قال لهم " كيف ترون بواسقها؟ " قالوا ما أحسنها وأشد تراكمها قال " فكيف ترون قواعدها؟ " قالوا ما أحسنها وأشد تمكنها قال " فكيف ترون جونَها؟ " قالوا ما أحسنه وأشد سواده قال " فيكف ترون رحاها استدارت؟ " قالوا ما أحسنها وأشد استدارتها قال " فكيف ترون برقها أوميض أم خَفْوٌ، أم يشق شقاً؟ " قالوا بل يشق شقاً، قال " الحياء الحياء إن شاء الله " قال فقال رجل يا رسول الله بأبي وأمي، ما أفصحك ما رأيت الذي هو أعرب منك. قال فقال " حق لي وإنما أنزل القرآن بلساني، والله يقول { بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ } " وقال سفيان الثوري لم ينزل وحي إلا بالعربية، ثم ترجم كل نبي لقومه، واللسان يوم القيامة بالسريانية، فمن دخل الجنة تكلم بالعربية، رواه ابن أبي حاتم.