يخبر تعالى عن هول يوم القيامة، وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها، وانفراجها بالغمام، وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السموات يومئذ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر، ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء. قال مجاهد وهذا كما قال تعالى{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ } البقرة 210 الآية. قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلَـٰۤئِكَةُ تَنزِيلاً } قال ابن عباس رضي الله عنهما يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة في صعيد واحد الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق، فتنشق السماء الدنيا، فينزل أهلها، وهم أكثر من الجن والإنس ومن جميع الخلق، فيحيطون بالجن والإنس وجميع الخلق، ثم تنشق السماء الثانية، فينزل أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والإنس وجميع الخلق، ثم تنشق السماء الثالثة، فينزل أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم وبالجن والإنس وجميع الخلق، ثم كذلك كل سماء على ذلك التضعيف، حتى تنشق السماء السابعة، فينزل أهلها، وهم أكثر ممن نزل قبلهم من أهل السموات ومن الجن والإنس ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم من أهل السموات، وبالجن والإنس وجميع الخلق كلهم، وينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام، وحوله الكروبيون، وهم أكثر من أهل السموات السبع ومن الجن والإنس، وجميع الخلق، لهم قرون كأكعب القنا، وهم تحت العرش لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله عز وجل، ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، وما بين كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة عام، وما بين ركبته إلى حجزته مسيرة خمسمائة عام، وما بين حجزته إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام، وما بين ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام. وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام، وجهنم مجنبته، هكذا رواه ابن حاتم بهذا السياق. وقال ابن جرير حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني الحجاج عن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول إن هذه السماء إذا انشقت، ينزل منها من الملائكة أكثر من الإنس والجن، وهو يوم التلاق، يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض، فيقول أهل الأرض جاء ربنا؟ فيقولون لم يجىء، وهو آت، ثم تنشق السماء الثانية، ثم سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف إلى السماء السابعة، فينزل منها من الملائكة أكثر من جميع من نزل من السموات ومن الجن والإنس.