الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }

هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض، وما تقدم في أول السورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال الأول من قبل صلاة الغداة لأن الناس إذ ذاك يكونون نياماً في فرشهم { وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ } أي في وقت القيلولة لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله، { وَمِن بَعْدِ صَلَوٰةِ ٱلْعِشَآءِ } لأنه وقت النوم، فيؤمر الخدم والأطفال أن لا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال لما يخشى من أن يكون الرجل على أهله، أو نحو ذلك من الأعمال، ولهذا قال { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ } أي إذا دخلوا في حال غير هذه الأحوال، فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم من ذلك، ولا عليهم إن رأوا شيئاً في غير تلك الأحوال لأنه قد أذن لهم في الهجوم، ولأنهم طوافون عليكم أي في الخدمة وغير ذلك. ويغتفر في الطوافين ما لا يغتفر في غيرهم، ولهذا روى الإمام مالك وأحمد بن حنبل وأهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الهرة " إنها ليست بنجسة، إنها من الطوافين عليكم - أو - والطوافات " ولما كانت هذه الآية محكمة، ولم تنسخ بشيء، وكان عمل الناس بها قليلاً جداً، أنكر عبد الله بن عباس ذلك على الناس. كما قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني عبد الله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } إلى آخر الآية، والآية التي في سورة النساءوَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ } النساء 8 الآية، والآية في الحجراتلِتَعَـٰرَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَٰكُمْ } الحجرات 13 وروى أيضاً من حديث إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف، عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال غلب الشيطان الناس على ثلاث آيات فلم يعملوا بهن { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } إلى آخر الآية. وروى أبو داود حدثنا ابن الصباح وابن سفيان وابن عبدة، وهذا حديثه أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد، سمع ابن عباس يقول لم يؤمن بها أكثر الناس آية الإذن، وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي. قال أبو داود وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس يأمر به، وقال الثوري عن موسى بن أبي عائشة سألت الشعبي { لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ }؟ قال لم تنسخ.

السابقالتالي
2 3